قصة قصيرة .. (جلجمونة في بلاد العرب)..!!

اسمحوا لي أن نخترق الزمان والمكان.. ونعود بك الي الوراء .. الي عهد الجاهلية
.. لنغوص في حياة أعراب البادية .. ولكن بطريقة مبتكرة .. تخيل معي أن
طائرة (هليكوبتر) حطت برحالها بين خيام الأعراب في ذلك الزمان!!.. ماذا
سيكون رد فعلهم؟!.. وكيف يتصرفون حيالها؟!.. دعونا نقتطع أسماءً وهمية ..
وقبائلاً من الخيال .. ولنرى ماذا سيحدث بعد ذاك .. فشد معنا الرحال الي
هناك!

الزمان: قبل البعثة بمائة عام.

المكان: مضارب خيام قبيلة (بني شلشعان).

في
ذلك اليوم استيقظ ابن أبي (شُلَيظمة) في الصباح الباكر، وإتجه صوب خيمة
صاحبه (جَلنْدع)، الساكن بمفرده خلف التل، ليتفق معه للذهاب إلي أطراف
الصحراء ليصطادا لهما (ظبياً) للفطور، وفجأة وقع ناظره على منظر أقشعرّ له
بدنه، وانتصبت له شعرات رأسه!!.. رأي طائرة (هليكوبتر) تقف شامخة على مرمى
حجر من خيمة (جَلنْدع)!! .. فهاله المنظر، وتسمّر في مكانه ونادى صاحبه بأعلى صوته:

- أدركني يا (جَلنْدع)!!..


فخرج إليه الأخير على عجل حاملاً سيفه البتار، وما إن رأى الطائرة رابضة على الرمال، حتى أصابه ما أصاب صاحبه، وهتف بذهول:

- يا للسماء!!.. ما هذا الشيء؟!.. ومن أين أتيت به يا (شُلَيظمة)؟!

رد عليه بحيرة:

- لقد وجدته ههنا!!.. دعنا نبتعد عنه قليلاً لعله مفترساً!!.

- الحق إنها لدابةٌ ضخمة!!.. ماذا تكون هذه يا ترى؟!

- ا بد إنها جرادةٌ كبيرة!!

- جرادة؟!.. أجننت يا هذا؟!.. ألا تعرف الجراد؟!

- لعله من جرادِ بلاد السند!!

- لا أظن .. دعنا نقترب منها قليلاً فهي لم تتحرك حتى الآن!!

يقتربان من (الهليكوبتر) بحذر ويستل (جلندع) سيفه ويلوح به ناحيتها ويهتف بها قائلاً:

- هيا .. نازليني إن كنتِ تجيدين القتال!!

يمسك به صاحبه (شُليظمة) ويقول له:

- رويدك يا هذا!!.. فهذا الشيء لعله كان نائماً فلا توقظه لنا حتى نبتّ الأمر فيه!

قال (جلندع) وهو يدخل السيف في غمده:

- هذه الدابة لعلها بعيراً أتي من وادي عبقر!

- كلا، إنها لا تشبه البعير، ألا ترى عينها الواحدة، وذيلها العجيب!!؟

- ما رأيك أن نأتي لها ببعض العلف، قد تكون جائعة؟!

- لا أظن يا (جَلنْدع) أنها تأكل العلف!

- تأكل ماذا إذن؟! .. لعله الثريد؟!

- لا تمزح!! فهذه تحتاج الي قافلة من الثريد!!

- إنه العلفُ إذن.!

يذهب (جَلنْدع) إلي خلف الخيمة ويأتي بحزمة من العلف ويرميه أمام الطائرة مخاطباً إياها:

- هيا كلي يا هذه، فنحن نكرم الضيوف!

يهتف به (شُلَيظمة) :

- ما رأيك أن نطلق عليها اسماً!؟

- إنها لفكرة !.. فلنسمها (جَلْجَمونة)!!

- لا .. فلنطلق عليها اسم (شَعْلبانة)!!

- (شعلبانةُ) ماذا يا (شُليظِمة) ؟! .. إنها (جَلْجَمونة).

- ما دمت مصراً فلتكن (جَلْجَمونة).

ثم أردف (شُليظِمة) في حيرة:

- (جلجمونة) هذه يا (جلندع) .. أتظنها تلد أم تبيض؟!!

- شكلها يدل على أنها تبيض!!

- كم بيضة تضع في الشهر يا ترى؟!

- تسألني يا (شُليظمة) وكأني أربي منها قطيعاً خلف خيمتي!!

(جلندع) يقترب من الطائرة أكثر ويلمسها بسيفه فيصدر منها صوت معدني رنان.. فيصيح مندهشاً :

- إنها تصدر صوتاً يشبه صليل السيوف!!

- يا للعجب !!.. ظننتها ستسيل منها الدماء!

- (جلجمونة) هذه لعلها من الحديد.!!

- لا أظن أن هناك دواب من الحديد!!

- (جلجمونة) هذه لو رأتها القبائل وشاع خبرها في البلاد، ستحدث فتنة بين العرب.!

- إذن ماذا سنفعل بها؟!!

- عندي لك فكرة اشرأبت من قريحتي للتو.. سأريك ماذا سنفعل بها...

ذهب جلندع خلف خيمته وأحضر جاروفاً وبدأ يحفر في الأرض .. وهو يقول لصاحبه:

- هيا يا شليظمة ساعدني لندفن هذه الدابة حتى لا تحدث فتنة بين العرب.

- ندفنها !!

- نعم سندفنها حتى لا تحدث بسببها (حرب جلجمونة) ويقتتل فيها العرب والعجم ..



وبعد أن حفرا حفرة كبيرة تحت الطائرة ، تدحرجت في الحفر وأهالا عليها التراب..

وألقيا عليها نظرة أخيرة، وألتفت جلندع نحو شُليظمة وقال:

اتخيلت منظر العلف قداما خيال بعيد جدا
قادره تخيل برضو لو قام رب فوقها وشغال يضربا بالسوط حيحصل شنو ياربي بتلد؟

بنت النور كتب:

اتخيلت منظر العلف قداما خيال بعيد جدا
قادره تخيل برضو لو قام رب فوقها وشغال يضربا بالسوط حيحصل شنو ياربي بتلد؟

ما معروف إمكن ترفسو